احترام الاختلافات بين الناس


" يا للأسف !! ما زال العالم بحاجة إلى تعلّم التعايش وسط الاختلافات كما ذكّرتنا بذلك الأحداث المؤسفة التي تّمت في البلقان في يوغسلافيا وكسوفو ، وفي أفريقيا الوسطى . إن اختلاف الآخر وخصوصيّته هما أمور نشعر أحياناً بأنها عبء ثقيل أو تهديد . وهي تكبر بسبب الأحداث التاريخية القديمة التي غرست الحقد في القلوب . وأحياناً توجد شخصيات بدون ضمير تُثير البغض عند الشعوب . ويمكن أن يقود الخوف من الاختلاف إلى انكار إنسانيّة الآخر المختلف . حينئذ يدخل الأشخاص في آليّة العنف الذي لا يرحم أحداً ولا يستثني الأطفال .

علمتنا خبرات مُرّة أن الخوف من الاختلاف الذي يظهر بشكلّ التعصّب الوطني الضيّق ، الذي يرفض الاعتراف بأيّ حق للآخر ، يمكن أن يقود هذا الخوف إلى العنف والرعب .

ولكن يجب أن نؤكد أن هناك قاسم مشترك بين الناس والشعوب ، وتشابه أساسي أهم من كل الفروق والاختلافات التي تميز بينهم . وبالفعل ليست الثقافات المختلفة إلاطرق مختلفة للتعبير عن مسألة عالمية وهي : معنى الوجود الشخصي لكل فرد . ونجد هنا منبع الاحترام الذي من حق كل ثقافة وكل بلد ، ونعتبر كل ثقافة اجتهاد فكري لفهم سر الكون وخاصة سر الإنسان . وهي طرقة للتعبير عن البعد السامي أو الفوقي للحياة الإنسانية . وقلب كل ثقافة هو بحثها عن أكبر سر في الكون ، وهو سر الله .

إن احترامنا لثقافة الآخرين تتأسس في احترام الأبحاث التي تقوم بها جميع الجماعات الإنسانية لكي تجيب على مشكلة الحياة الإنسانية . وفي هذه الرؤية يمكن أن نعترف بأهمية حماية الحق الأساسي في حرية الاختيار الديني وحرية الضمير ، هما العمودان الجوهريان اللذان يتأسس عليهما هيكل الحقوق الإنسانية وحرية المجتمعات . ولا يحق لأحد أن يلغي هذه الحقوق بالقهر لكي يفرض إجابة لسر الإنسان " .

(من خطاب لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك عام 1995 )




No comments:

Post a Comment