العدل - قصة قصيرة

أقيمت ذات ليلة وليمة في القصر، واتفق أنّ رجلاً جاء وسجد قدام الأمير فاستدار نحوه جميع المدعوين ، ولاحظوا ان إحدي عينيه مقتلعة والمحجر المفرغ ينزف. فاستوضحه الأمير قائلاً، ماذا دهاك يا هذا؟ فأجاب الرجل، إني أيها الأمير لص محترف، ولما كان لا قمر هذه الليلة انطلقت لأسرق حانوت الصيرفي، وفيما أنا أعالج الدخول من النافذة ارتكبت خطأ فكان أن دخلت دكان الحائك، وإذا بي في العتمة، اصطدم بالنول فتُقتلع عيني. وقد جئت الآن أيها الأمير التمس انصافي من الحائك .
وأرسل الأمير في طلب الحائك فحضر. وقضي بوجوب أن تُقتلع إحدي عينيه. وقال الحائك حكمك عدل أيها الأمير، فالحق يقتضي ان تؤخذ احدي عيني، لكن المؤسف أن الاثنتين ضروريتان بالنسبة إلي كي أتمكن وأنا أحوك الثوب، أن أبصره من وجهيه. إلا أنّ لي جاراً اسكافيّا له هو أيضاً عينان في حين أن مهنته لا تقتضي وجود اثنتين .
عندها أرسل الأمير في طلب الإسكافي فحضر. واقتلعوا له واحدة من عينيه الاثنتين. وبذلك أخذت العدالة مجراها



من كتاب المجنون


للمفكر والأديب اللبناني
جبران خليل جبران

No comments:

Post a Comment